النفط .. القصة الكاملة
98.55 ، هو السعر الافتتاحي للنفط عام 2014 ، 53.75 هو السعر الافتتاحي للنفط عام 2015 فاقداً 45% من قيمته في سنة ، ما هي كلمة السر التي اخذت النفط من قمته التي حققها 107.50 والتي تسببت في هذا الانهيار الكبير بالرغم من عدم مرور العالم بآزمة مالية قوية كالتي مر بها في عام 2008 وهوت بالنفط من 140 دولار وحتى 33 دولار ؟
كلمة السر "تخمة المعروض"
خمسة الاف خبر متعلق بالنفط في عام 2015 وحده ، وهو العام الذي هوى فيه النفط من 53.75 وحتى 34.25 فاقداً 36% من قيمته مجدداً ، منهم ما لا يقل عن 2000 خبر تعلقا بتخمة المعروض وباقي الاخبار كانت نتيجة لها
ولكن ما الذي تسبب في تخمة المعروض تلك ؟ وكيف تعاملت معها الدول المنتجة للنفط ؟ وكيف تفاعلت اوبك ، تلك الاحداث سنرويها لكم في قصة متكاملة متسلسلة بالترتيب ، حيث اجبرتنا 2015 من تخمة معروضها الاخباري ان نحلل شهورها الاثنا عشر شهراً شهراً ، بداية من الدول التي استفادت وبقوة من انهيار اسعار النفط واخرى بعدما كانت تمتلك احتياطات نقد اجنبي ضخمة بدأت في استهلاكه وكذلك استهلاك مخزونها الاستراتيجي ، كذلك الحروب والاضطرابات في الدول النفطية ومحيطها سواء في الشمال ناحية اوكرانيا او في الشرق الاوسط حيث الصراع العراقي والسوري والحرب على الارهاب ثم ليبيا التي لم تعرف للاستقرار طعماً ، سنراجع كل ذلك سوياً وفي صدر الاحداث سنحلل تطور المخزون الامريكي الذي وصل الى مستويات قياسية والنفط الصخري الذي دبت فيه الحياة من جديد والانخفاض القياسي في عدد منصات الحفر وشركات النفط التي سرحت عشرات الالاف من العمال ونهاية بالقشة التي قسمت ظهر البعير وهي رفع الحظر عن تصدير البترول الامريكي ، ولن ننسى الجانب الفني واستشراق مستقبل اسعار النفط في عام 2016
يناير " خطر الافلاس"
شهد هذا الشهر تعرض 126 شركة تعمل في مجال النفط لخطر الافلاس حيث سعت العديد منها للاقتراض والاخر سعى لتسريح العمال ، بينما على الجانب الاخر مارست ايران مرواغاتها في التصريحات حيث القت باللوم على السعودية في عدم تخفيض الانتاج وانها المتسبب الرئيسي لانهيار اسعار النفط.
كذلك قفزت صادرات النفط الامريكي لمستوى قياسي متجاوزاً نصف مليون برميل يومياً اغلبهم الى كندا ليتحول البترول الامريكي الى سلعة رائجة خارج الحدود الامريكية
استغلت الصين هذا الشهر في بناء ترسانة احتياطيها الاستراتيجي النفطي بينما بدت ملامح الازمة المالية تسيطر على فنزويلا التي زار رئيسها الصين وبعض دول اوبك ليحاول اقناعهم بخفض الانتاج ولكن كان رد الاعضاء "لا"
كانت اسعار النفط في هذا الشهر كالتالي " افتتاح 53.75 ، اعلى سعر 55.10 ، اقل سعر 43.55 واخر سعر 47.70"
فبراير " الانتاج يتزايد"
حيث واصلت السعودية رفع مستوى الانتاج لتقترب من 10 مليون برميل يومياً ويؤكد النعيمي ان السوق متماسك والطلب متنامي في حين اقدمت فنزويلا على رفع الدعم عن اسعار الوقود
شهد هذا الشهر ايضا اسرع وتيرة لتقليص عدد الحفارات الامريكية منذ عام 2011 وكذلك شهد هذا الشهر اول تصريح لاوبك في العام الجديد حيث اكدت انها ستدعو لاجتماع طارئ اذا واصل النفط هبوطة لستة اسابيع اضافية
افتتح هذا الشهر اسعار على 47.85 واعلى سعر 54.20 بينما اقل سعر 46.65 واغلق على 49.40
مارس " عاصفة الحزم"
من اغنى الشهور بالاخبار حيث شهد عملية عاصفة الحزم التي توقع البعض انها ستتسبب في رفع اسعار النفط مجدداً وهو ما لم يحدث بل زادت من الضغط السلبي ، كذلك شهدت اوروبا واسيا "الدول المستهلكة للنفط" هبوط حاد في مستويات التضخم مما اضر بالاقتصاد الاوروبي
شهد هذا الشهر تصريحات كثيرة من وزراء الطاقة في اوبك وكذلك الامين العام لها حيث اكدوا جميعاً ان تقلبات الاسعار ستنتهي قريبا ولا يجب تخفيض الانتاج للقضاء على المنافس الصخري الذي زاحم الاسواق
كذلك ظهرت بوادر الازمة الصينية حيث انخفضت وارداتها النفطية وسيطرت تخمة المعروض على الاخبار ،
ايضا تم تعليق محادثات اوبك مع المنتجين الاخرين بخصوص تخفيض الانتاج لرفض روسيا التي وضح انها تخوض مع ايران حرب حصص ضد اوبك
بدآت السعودية السحب من الاحتياطي الاجنبي لديها لسد عجز الموازنة جراء انخفاض اسعار النفط مع العلم ان السعودية تعتمد بنسبة 87% على صادراتها النفطية
افتتح هذا الشهر الاسعار على 49.50 وحقق اعلى سعر 52.45 بينما اقل سعر 42.00 واغلق على 47.60
ابريل " الصفقة الايرانية"
وقعت ايران والغرب اتفاق الاطار الذي اتاح لها الاستمرار في مشروعها النووي تحت اشراف الغرب ورفع العقوبات الاقتصادية لتزيد ايران النفط الذي يعاني من تخمة المعروض اكثر من 2 مليون برميل اضافة من المتوقع ان تصدرهم و
بينما قالت السعودية انها مستعدة لتحسين اسعار النفط شريطة تعاون المنتجين الاخرين ، فيما واصلت مخزونات النفط الامريكية ارتفاعها لمستويات قياسية يطل علينا صندوق النقد الدولي محذراً ان احتياطات منتجي النفط من النقد الاجنبي و
كانت تصريحات مسئولي اوبك ان السوق جيدة وستستوعب زيادة الانتاج على الرغم من تراكم فائض 2 مليون برميل يوميا من انتاجها فقط
افتتح هذا الشهر الاسعار على 47.60 بينما حقق اعلى سعر في 59.80 واقل سعر في 47.05 واغلق على 59.75
مايو " خفض الدعم"
شعر منتجو النفط في الشرق الاوسط بخطورة الوضع المالي حيث اتجهت ايران والسعودية والامارات لدراسة خفض دعم الوقود فيما قامت البحرين بالخطوة فعليا حيث الغت دعم بعض المنتجات للاجانب المقيمين فيها
اصبحت الصين اكبر مستورد للنفط في العالم بعد اقدامها على استكمال مخزونها الاستراتيجي وقدمت طلباً للسعودية بشحنات نفط اضافية ولكنه قوبل بالرفض
شهد هذا الشهر تغير في التصريحات الايرانية التي ظلت قرابة عام ونصف تحث السعودية على خفض الانتاج حيث قال وزير النفط الايراني ان ايران عازمة على استعادة حصتها كاملة وستزيد انتاجها لمستويات قياسية
شهد هذا الشهر ايضا انخفاض الاحتياطي النقدي السعودي لادنى سمتوى منذ 2010 وكذلك شهد اكبر انتاج لاوبك منذ 2012
افتت افتتح هذا الشهر الاسعار على 59.75 بينما حقق اعلى سعر في 62.55 واقل سعر في 56.50 واغلق على 60.30
يونيو " اوبك تجتمع "
بعد ستة اشهر كاملة من 2015 وطلبا
متكررة من بعض اعضائها لضرورة الاجتماع ، اجتمعت اوبك بالفعل في هذا الشهر لتقرر انه لا جديد والوضع كما هو عليه ، فيما اكد النعيمي ان استراتيجية السعودية ناجحة وانها تعلمت من اخطاء الماضي والسوق يتعافى ولن يتأثر بزيادة الامدادات العراقية والايرانية
صرحت وكالة الطاقة ان الطلب على النفط سيقفز بعد هبوط الاسعار بينما اكد وزير النفط الكويتي ان هبوط اسعار الخام لن تواصل الهبوط بينما تلقي 40 مليون برميل مخزنة على ظهر الناقلات بالبحر بظلالها على السوق المريض بالتخمة اصلا واستمرت العراق برفع مستوى انتاجها لاعلى مستوى منذ ثلاثة اعوام
افتتح هذا الشهر الاسعار على 60.30 بينما حقق اعلى سعر في 61.80 واقل سعر في 56.85 واغلق على 59.00
يوليو "الازمة اليونانية "
هذا الشهر شهد ثلاثة احداث رئيسية قوية ولكن اكثرها تأثيرا على الاقتصاد العالمي هو استفتاء اليونان الذي تسبب في ضبابية المشهد الاقتصادي وتسبب في هبوط اسعار النفط والبورصات العالمية
وكان الحدث الثاني هو اللجوء الى السندات حيث خططت العراق لاصدار سندات بقيمة خمسة مليارات دولار بينما لجأت السعودية لاصدار سندات بقيمة 15 مليار ريال لتمويل عجز الموازنة
والحدث الثالث هو بداية الاضطرابات ببورصة الصين التي تعتبر اكبر مستورد للنفط في العالم مما اثر وبقوة على اسعار النفط ، فيما ترامت باقي الاحداث على تصريحات المسئولين الذي اصروا على ان السوق جيد وسيتعافى والطلب متزايد ولن يكون هناك مزيداً من الهبوط
وشهد هذا الشهر ايضا تسريح شركة شل لـ 6500 عامل
افتتح هذا الشهر الاسعار على 59.00 بينما حقق اعلى سعر في 59.10 واقل سعر في 46.70 واغلق على 46.80
اغسطس " الصخري يتنفس "
مستوى قياسي من الانتاج بل و وصفه البعض بالتاريخي في هذا الشهر الذي شهد ذروة الازمة الصينية وتأثيرها العنيف على اسواق النفط الذي كسر ولاول مرة مستويات الـ 40 منذ ستة اعوام
الامارات والبحرين وعمان والكويت يدرسون الغاء دعم الوقود لاخفيف الضغط على الميزانية ، بينما بدأت السعودية فعليا في بيع السندات لسد عجز الموازنة فيما دعا بعض اعضاء اوبك المنظمة لاجتماع طارئ وقوبل الطلب بالتاجيل وكان الرد ان انهيار اسعار النفط لم يؤثر على انتاج المنافسين
بينما اتجهت شركة ميرسك لاغلاق حقول بحر الشمال شهد النفط الصخري طفرة انتاجية خلال هذا الشهر
افتتح هذا الشهر الاسعار على 46.80 بينما حقق اعلى سعر في 49.30 واقل سعر في 37.75 واغلق على 48.05
سبتمبر " انهيار الاحتياطات النقدية "
فنزويلا تقترض خمسة مليارات دولار من الصين فيما تعد السعودية دراسة لاصدار المزيد من الصكوك في عام 2015 بينما تسعى ارامكو السعودية لقرض بقيمة خمسة مليارات دولار وكذلك واصل الاحتياطي النقدي العراقي نزيفه حتى 60 مليار دولار والتي طرحت سندات عالية الفائدة بالاسواق وانتقلت العدوى للكويت التي تدرس بجدية طرح سندات لتمويل عجز الموازنة
دعت فنزويلا لاجتماع طارئ لاوبك ورد الاعضاء بدراسة الطلب فيما واصلت المنظمة مستوياتها القياسية في الانتاج
افتتح هذا الشهر الاسعار على 48.05 بينما حقق اعلى سعر في 48.85 واقل سعر في 43.20 واغلق على 45.30
اكتوبر "الحرب السورية "
الحدث الاهم في هذا الشهر كان الحرب الروسية في سوريا حيث بدأت روسيا بقصف ما وصفتها بمعاقل الارهاب فيما شهدت المنطقة توتراً عنيفاً بينما حلل سياسيون الموقف الروسي بأنه رد على ازمة القرم الاوكرانية و ورقة ضغط على الغرب لرفع العقوبات على روسيا التي بدت في معاناة من تقلص النمو بوتيرة متسارعة جراء انهيار اسعار البترول
فيما واصلت البحرين رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية ، فيما تدرس الكويت بيع بعض الاصول المملوكة لصندوقها السيادي وكذلك السعودية التي بدأت دراسة الغاء دعم الوقود
بينما اقرت وكالة الطاقة ان تخمة المعروض في 2015 ارتفعت الى نصف مليار برميل
افتتح هذا الشهر الاسعار على 45.40 بينما حقق اعلى سعر في 50.90 واقل سعر في 42.55 واغلق على 46.40
نوفمبر " المعركة تشتعل "
تواصل ارتفاع الانتاج الروسي لاعلى مستوياته منذ الحقبة السوفيتية فيما رجت السعودية برفع مستويات الانتاج الى اعلى مستوياتها تاريخية فيما بينما دفعت الدولتان ثمناً باهظاً حيث وبعد دراستها لالغاء دعم الوقود ادرجت السعودية الى الدراسة رفع اسعار المياه ايضاً فيما انخفض النمو الروسي 4.5% دفعة واحدة من عام 2015
خططت السعودية لاصدار اول سندات خاريجة في عام 2016 وقطر التي سعت لنيل قرض بقيمة 10 مليارات دولار
فشلت كل مساعي الحوار بين اوبك والمنتجين خارجها حول خفض الانتاج ولاول مرة تظهر التصريحات المتشائمة حول اسعار النفط من وزراء النفط الخليجيين واوبك قررت ترك السوق ليعيد تصحيح الاسعار بنفسه
شهد هذا الشهر هبوط الريال السعودي لادنى مستوى في 12 عام ولا يزال يرى النعيمي ان السوق جيد ويجب ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع النفط لتلبية الطلب المتزايد
افتتح هذا الشهر الاسعار على 46.45 بينما حقق اعلى سعر في 48.35 واقل سعر في 39.10 واغلق على 41.65
ديسمبر " الفائدة الامريكية "
دولار قوي = سلع ضعيفة ، وبرهن الدولار على قوته برفع اسعار الفائدة للمرة الاولى منذ 2006 لتصل النسبة الى 0.50% ورغم ضغط الدولار على النفط الا ان روسيا استمرت بالتحدي وضخت مستويات قياسية من النفط بالاسواق
فيما توقع صندوق النقد تراجع حاد بالاقتصاد الكويتي قام صقور اوبك بالضغط لخفض الانتاج عن طريق اجتماعها غير الرسمي الذي جاء بقرار عكسي حيث قامت اوبك برفع سقف الانتاج لتفاجئ العالم وسوق النفط ايضا الذي استمر في ضرب القاع تلو الاخر
انهارت المحادثات بين اوبك والمنافسين وقالت روسيا انه لا مغزى من الحوار ، الجميع يحارب من اجل الحفاظ على
الحصص لتعويض النقص الحاد في الاسعار ، الدول المنتجة للنفط والمسيطرة على سوق العرض هي دول تعتمد بشكل شبه رئيسي على السوق النفطي ، ولكل مصالحه ، تزيد روسيا انتاجها من اجل تعويض نقص الميزانية وتمويل الحرب على سورية والقرم ، وتضغط السعودية ايضا للحفاظ على حصتها السوقية في السوق الذي يشهد عودة ايران و ملايين البراميل الفائضة عن الحاجة يومياً والمخزونات بالبحار
تنتج السعودية حوالي 3.5 مليار برميل سنويا اي ما يعادل 1.3% من احتياطي البترول البالغ 265 مليار برميل لديها ، مما يعني انها تستنفز هذا الاحتياطي بسرعة كبيرة ، بينما روسيا تقع في مشكلة اكبر وهي انها تنتج نفس النسبة تقريباً ولكنها تفقد سنويا ما يقارب 4.4% من احتياطي النفط لديها البالغ 80 مليار برميل
دول اخرى استفادت من انهيار الاسعار مثل النمور الاسيوية ودول الازمة في اوروبا وبالقطع الولايات المتحدة
شركات افلست ، شركات على وشك الافلاس واخرى سرحت عشرات الالوف من العمال والصراع لا تظهر له بوادر توقف بالافق بعدما تخلى الجميع عن الحوار واصبح المنتجون يتربصون لانتاج بعضهم البعض في صراع يخسر كل من فيه سواء المنتجون في اوبك او خارجها
وفي خضم كل هذه الاحداث اقرت الولايات المتحدة الامريكية اخيرا مشروع قانون يلغي الحظر عن تصدير النفط الامريكي مما ينبئ بزيادة تخمة المعروض
فنيا
اعتاب قاع 2008 نقف عليها الان ، يوجد انفراج ايجابي واضح للنفط قد يدعم الاسعار لمعاودة الصعود من جديد ، ولكنه سلاح ذو حدين ، كسر قاع ازمة 2008 سيدفع الاسعار لمراحل تسمى فنيا "الفزع" قد يسيطر فيها الدببة كليا لاختبار مستويات 30 وربما كسرها ايضا لمستويات نفسية كمنطقة 25
اما ثبات الاسعار اعلى هذا القاع يدعم الانفراج الايجابي لاختبار الصعود مجدداً نحو مقاومته القوية 37.85 والتي استطاع تكوين قمة فيها ، اختراقها يعني اكامال نموذج القاعين المتساويين وهو ما يفتح المجال للمزيد من الصعود نحو مستويات 41 مجدداً
الصورة قد تختلف كليا اذا قرر المنتجون تغيير استراتيجيتهم في التعامل مع اسواق النفط